قال الله عَزَّ و جَلَّ : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [1]
فصيام شهر رمضان المبارك فرض إلهي على كل إنسان بالغ ، عاقل ، مختار ، غير مريض ، غير مسافر ، و غير معذور ، كالحائض و النفساء ، و الحامل التي تخشى على حملها أو على نفسها ضرراً لو صامت ، أو المرضعة القليلة اللبن .
حكم التارك لصوم شهر رمضان :
من ترك الصيام متعمداً لا لعذر فقد ترك واجباً ، و ارتكب إثماً ، و يجب عليه أن يتلافى تركه للصيام بالأمور التالية :
1. الاستغفار و التوبة .
2. قضاء صوم الأيام التي تركها .
3. الكفارة ، و يتخيَّر بين :
1. صيام شهرين متتابعين ، و يجب عليه أن يكون صيامه لـ 31 يوماً منها متتالية على الأقل .
2. أن يُطعم ستين مسكيناً ، و المقصود من إطعام ستين مسكيناً هو إشباعهم بوجبة طعام ، أو إعطاء كل واحدٍ منهم مُدّاً من الطعام ، و المُد هو ثلاث الكيلو غرامات من أنواع الطعام كالقمح ( الحنطة ) و دقيقها ، أو الخبز ، أو الأرز ، أو التمر ، و غيرها من أنواع الطعام ، أو تسليم ثمن الطعام لكل منهم و توكيلهم في شراء الطعام ، مع الوثوق بهم في ذلك ، و لا فرق بين الذكور والإناث و لا بين الصغار و الكبار من المساكين .
أما المسكين فهو كما ورد في الحديث : المسكين أجهد من الفقير ، أي أسوأ حالا منه .
حكم الإفطار العمدي بلا مسوغ شرعي :
و أما من أفطر يوماً من شهر رمضان عامداً بغير عذر شرعي ، فعليه أن يقضي يوماً بدلاً عن ذلك اليوم بعد شهر رمضان .
فإن كان إفطاره على الحلال ، كأن أكل خبزاً أو شرب ماءً ، فعليه أيضاً أحد أمرين يختار أيهما شاء :
1. صيام شهرين متتابعين ـ كما أشرنا ـ عن كل يوم أفطر فيه متعمداً لا لعذر .
2. إطعام ستين مسكيناً ـ كما أشرنا ـ عن كل يوم أفطر فيه متعمداً لا لعذر .
الإفطار على الحرام :
و أما لو كان إفطاره على الحرام كمن أفطر على شرب الخمر أو الزنا ـ أعاذنا الله ـ ، فعليه كفارة الجمع ، أي عليه أن يجمع بين الكفارتين ، أي بين صيام شهرين متتابعين ، و بين إطعام ستين مسكيناً ، مضافاً إلى صيام يوماً بدلاً عن اليوم الذي أفطر فيه .
و عَنْ نُعْمَانَ الرَّازِيِّ أنَّهُ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ [2] ( عليه السَّلام ) يَقُولُ : " مَنْ زَنَى خَرَجَ مِنَ الْإِيمَانِ ، وَ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ خَرَجَ مِنَ الْإِيمَانِ ، وَ مَنْ أَفْطَرَ يَوْماً مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ مُتَعَمِّداً خَرَجَ مِنَ الْإِيمَانِ " [3] .
تكرار الإفطار العمدي :
و أما تكرار الإفطار العمدي في شهر رمضان المبارك فهو من الكبائر ، و الكبائر تسبب العقاب الإلهي و دخول النار ما لم يتب عنها صاحبها .
حكم تأخير قضاء الصوم :
و من لم يقضِ ما عليه من الصيام بعد شهر رمضان حتى جاء شهر رمضان السنة التالية فعليه الفدية مضافاً على القضاء ، و الفدية في الصوم ، هي : إطعام الفقير مقدار مُدٍّ من الطعام ، و المُدُّ ثلاثة أرباع الكيلو ، أو ما يعادل 750 غراماً .
و الطعام هو الحنطة و الطحين و الخبز و الأرز و التمر .
و يجب تسليم الطعام بعينه للفقير لا ثمنه ، لكن يمكن توكيل الفقير في شراء الطعام بالثمن المدفوع إليه ، كما و يمكن دفع القيمة لمن يوثق به ليشتري الطعام و يدفعه للمستحق .